قصص

قصة رعب

فرص الشغل في القاهرة بقت قليلة وضئيلة جدا، وخصوصا للطلبة اللي زيي، وده اضطرني اقبل بشغلانة كان والد صاحبي جايبهالي في احدى المدن الساحلية السياحية، لاني محتاج اي فرصة شغل اقدر اوفر بيها مصاريف الجامعة، خلصت ورقي بسرعة وسافرت، عشان اول ما اوصل استلم الشغل في احد الفنادق الفخمة والضخمة واهمها في المدينة “كا ويتر”، كنت مبسوط جدا بالشغل الجديد والتجربة لانها جديدة عليا، اول يوم عدى كان صعب وشاق الا انه كان ممتع وانا كنت مبسوط، تاني يوم روحت الشغل بدري ولاحظت مكان جمب الفندق مقفول وواضح انه مهجور، كان يشبه الكهوف كده،او الديكور بتاعه كان كده، مُصمم على ان يبان شكله زي الكهف،حسيت من النظرة الاولى انه يخطف، شدني وكنت حاسس اني عندي شغف وفضول اعرف ليه مكان زي ده موقعه في مكان سياحي مهم مقفول ومهجور كده!، ازاي مفيش حد بيستغله وبيعيد افتتاحه من جديد؟!، الا اني في لحظة فوقت وقولت لنفسي اركز في شغلي احسن ومليش دعوة باللي مليش فيه وميخصنيش…
فاتت بعدها ايام كتير جدا، وشغفي غلبني وخلاني افكر في الممان اكتر، ودفعني اني اسأل احد المدريين عنه فقالي:
ده مكان مقفول من سنين يا شريف وحكايته طويلة مختصرها ان الناس اجمعوا انه مسكون، بيقولوا في شخصين سواح روس اتخانقوا مع بعض بسبب لعب القمار وكانوا سكرانين وواخد فيهم قتل التاني، ومن ساعتها كل ما حد يجي يفتتحه من جديد المكان يولع لوحده، بس كل دي خرافات يعني، هو تلاقي مبيتأجرش عشان الخرافات دي، بس قريب هيرجع يشتغل تاني، لان ادارة الفندق اشترته وهتفتتحه من جديد..
كلام مديري خلى شغفي بإستكشاف المكان يزيد اكتر واكتر، الا ان شهور الاجازة في الوقت ده كانت خلصت وكان باقيلي يوم واحد وارجع القاهرة عشان الدراسة، وبعد انتهاء اخر يوم عمل رجعت السكن وبدأت ارتب حاجتي وشنطتي، وحبيت اعمل جولة اخيرة اودع بيها المدينة اللي طول ٣ شهور فيها متحركتش لاي مكان غير الشغل والسكن، فكانت فرصة لجولة جميلة، ونزلت فعلا اتمشى، وكنت قبل الفجر، ورجليا غصب عني خدتني للمكان ده، حاجة بتدفعني لإستكشافه ومش قادر امنعها، لحد ما كان يفصل بيتي وبين الباب مسافة متر او اقل، وفضلت ابص على الباب والجظدران من الخارج، وحسيت اني جسمي قشعر!!.
واتهزيت وكإني مش لوحدي!!، كلام المدير فجأة ظهر في عقلي عن احتمالية وجود الاشباح في المكان، فضلت اتلفت حواليا وانا بحاول ابعد وبرجع لورا ببطئ، وفجأة سمعت صوت اقدام جاية من داخل الكهف في اتجاهي ولما بصيت على الباب لقيته اتفتح!!!، وخيال شخص واقف قدامي في اخر السلم المؤدي للمكان تحت ومصوب في اتجاهي مسدس!!!!!، جريت زي المجنون وانا مش حاسس بنفسي لحد ما وصلت للسكن، خدت السلم كله جري وفضلت اخبطت بكل قوتي على باب الشقة وزمايلي فتحولي وهما مخضوضين وببيسألوني عن سبب فعلي ده؟!!، ما تكلمتش وشربت حبة ماية ودخلت سرير وغطيت وشي وانا جسمي بينتفض من الخضة والخوف وبقول لنفسي:
انا عمري ما هاجي المكان ده تاني، كويس انها آخر ليلة، كلام المدير كان صح، المكان طلع مسكون…
فات اليوم، ورجعت القاهرة، ومع مرور الوقت الدراسة بدأت وانشغلت ونسيت تماما الموقف تقريبا، لحد ما السنة كلها خلصت وجه الصيف من تاني ومعاه اجازة جديدة، ولقيت مديري بيكلمني اني ارجع تاني لان الفندق محتاج ناس تشتغل واني شخص كويس وهو محتاجني، وبناءا عليه مترددتش وسافرت على طول، ريحت يوم وصولي وتاني يوم استلمت الشغل، ولقيت مديري بيقولي:
حمدالله على سلامتك يا شريف، انت مش هتكون هنا، هتستلم شغل تاني، تعالى معايا
مشيت وراه وانا بقول لنفسي:
يارب اللي في بالي ميكونش صح، يارب مياخدنيش للمكان بتاع السنة اللي فاتت، لكن احساسي كان صح، ووصلنا للكهف ده، او للمكان اللي شبه الكهف، واول ما روحت عنده لقيته اتوضب كويس جدا عشان افتتاح جديد، اول ما رجليا خطت جواه حسيت قلبي اتقبض وخوفت، ووقف ومرضتش انزل والمدير سبقني ولما حس بغيابي وتأخر خطوتي عنه بص لي وقالي:
في ايه يا ابني؟! انزل يلا..
نزلت وانا بقدم رجل وبأخر رجل لحد ما نزلت السلم المؤدي للمكان نفسه، صالة كبيرة كلها طرابيزات وكراسي، بيتوسط الصالة مسرح كبير،وبار خلفه، وفي اخر الصالة غرفة كبيرة فيها طرابيزة كبيرة جدا تشبه طرابيزات القمار،او فعلا تطرابيزة قمار…
قررت في لحظة وقولت لمديري، انا مش عايز اشتغل هنا، انا عايز ارجع شغلي بتاع السنة اللي فاتت..
رد عليا وهو بيضحك وبيقول:
يا ابني انت لسه مقتنع من السنة اللي فاتت بإشاعات العفاريت والأشباح دي؟!، ده مجرد كلام فاضي ناس فاضيين اخترعته عشانيسلوا ويملوا بيه وقتهم، المكان اتفتح قدامك اهو واتوضب، وباقي رتوش اخيرة عشان نبدأ شغل فيه من تاني..
مكنش عندي رد، ولا قرار اني ارفض، قبلت وبدأت اشتغل مع باقي زمايلي عشان نحضر لحفلة بليل او استقبال الزباين او زي ما بنقول في مجال السياحة “الجيست”، بدأت ألمع الكبايات والكاسات وأرُص الطرابيزات واجهزها، ومع مرور الوقت انشغلت في الشغل، وبدأت الناس تتوافد عشان الافتتاح، وكان الشغل كتير جدا، فنسيت كل حاجة وركزت في الشغل وبس، اليوم عدى وبدأ صوت نفسي جوايا يقولي ان اكيد كلام مديري صح، واهو اليوم عدى اهو ومفيش اي حاجة غريبة حصلت، ورجعت السكن بعد يوم شغل شاق ومتعب، ماحستش بنفسي ونمت بهدومي، وتاني يوم روحت الشغل كالعادة بدري شوية عشان نحضر حاجتنا لاستقبال الضيوف، وساعتها قابلت بنت شغالة معانا، واتفاجئت بيها لان شغلها مبيفرضش عليها تيجي بدري ولما سألتها عن السبب فقالتلي انها صحيت بدري ومكنتش لاقية حاجة تعملها فقررت تنزل للشغل بدري بدل ما تقعد لوحدها في السكن..
وبعد ما خلصنا كلامنا روحت انا اكمل شغلي، واليوم برضو فات عادي جدا وطبيعي ومحصلش فيه حاجة غريبة نهائي، وكان يوم متعب زي اللي قبله واللي قبله، لكنه فات بكل ما فيه، وجه يوم، قومت لبست وروحت الشغل، وانا دايما اول واحد بيروح المكان، لكن المرة دي لما روحت لقيت ان في حد سبقني ودخل المكان!!!، مهتمتش اوي ونزلت احضر شغلي، فلقيت واحد خارج من سلم صغير بياخدك للحمامات، اول ما شوفته الكاس اللي بلمعه وقع من ايدي من الخضة، وكان صنايعي سباكة بيسألني على اسمنت أبيض عشان يخلص باقي شغله، اللي اغرب من وجود السباك ان مفيش حد معاه مفتاح المكان غيري، بس قولت لنفسي اكيد المدير فتح له او اداله المفتاح، عادي يعني بتحصل، وقولت له حاضر هجبلك اسمنت ابيض من المخزن، وكان ساعتها حد من زمايلي جه فقولتله هات اسمنت ابيض من المخزن للسباك عشان يكمل شغله، غاب شوية ورجع معاه اللي طلبته، اخدت منه الحاجة ونزلت للحمامات عشان ادي السباك اللي طلبه ولما نزلت لقيت الحمامات فاضية!!!!!!…
فتحت باب باب زي المجنون ومكنش فيه أي حد نهائي!!، اتصل بسرعة على مديري وسألته عن موضوع السباك ده فقالي ان السباكة اتشطبت ومفيهاش اي حاجة تتعمل وان حتى لو فيه شغل محتاج يتعمل فطبيعي مفيش اي صنايعي هيدخل لوحده المكان من غير ما يكون فيه حد معاه..
قفلت معاه المكالمة وقعدت على كرسي ارتاح لإن رجليا ماكنتش شايلاني ولا قادر اتلم واتحكم في اعصابي، وكسر شرودي صوت بنت بتقولي ازيك، فبصيت لها وانا بحاول اداري خوفي وذهولي وقولتلها:
كويس انك جيتي النهار ده كمان بدري بدل ما تقعدي لوحدك..
فقالت لي وهي مستغربة:
بس انا مجتش امبارح اصلا يا شريف…
فضلت باصص لها وانا مش عارف ارد، كنت زي ما بيقولوا مبلم ومتنح ومش مصدق اللي هي بتقوله!!..
اتأكدت ان في حاجة غريبة مش في مكانها بتحصل، حاجة مخيفة ومرعبة، قومت من على الكرسي ونزلت الحمام اغسل وشي وافوق، لكن قبلها دخلت الحمام ولما قفلت الباب سمعت خارج الباب صوت حد ماشي، فقولت لنفسي عادي اكيد حد نزل الحمام، لكن فجأة سمعت صوت واحد بيصرخ من الألم في نفس الوقت تكسير لأحد الأحواض،وظهر صوت لشخص بيحتضر!!!..
خرجت بسرعة من الحمام لقيت مفيش أي اثر لاي تكسير نهائي، بس لقيت آثار دماء تحت الحوض على الأرض وكانت واصله لحد الصالة فوق واختفت داخل غرفة ترابيزة القمار!!..
مديري جه وباقي زمايلي في الشغل وبدأ المكان يشتغل ويستقبل للزوار والضيوف، وكنت كل ما اجي اكلم المدير ينشغل بسبب الشغل الكتير، لحد ما عدى اليوم وانا تايه ومش عارف اشتغل وتقريبا بوظت كل الشغل اللي كان في ايدي، وفي آخر اليوم مديري وجه لي لوم وعتاب شديد بسبب غلطاتي،وبرغم اني حاولت اكلمه وابرر الا انه ماسمعنيش، ولقيت نفسي برجع السكن بنفس الحيرة والخوف، فضلت قاعد على سريري ساعتين مش جايلي نوم والتفكير هيخلي دماغي تنفجر، والخوف مسيطر عليا…
فجأة لقيت واحد جايلي من زمايلي الأوضة وبيقول:
ألحقوا بسرعة المكان الجديد النار مسكت فيه وولع…
جرينا كلنا ولما وصلنا لقينا عربيتين مطافي بيحاولوا يسيطروا على الحريق، وسط ذهول مسيطر على ملامح كل اللي واقفين، وسؤال واحد الكل بيسأله: ازاي الحريق ده حصل؟!!..
قدرت المطافي تسيطر على الحريق، والمكان اتقفل، ورجعنا اتوزعنا على قوة الفندق نفسها تاني، عشان منفقدش شغلنا، ومكنش حد عنده اجابة للسؤال عن ازاي الحريق حصل؟! الا ان يعد كده قالوا حصل ماس كهربائي، وبرغم منطقية الاجابة الا اني مكنتش مصدقها بسبب اللي شوفته ومريت بيه، لكني ماحبتش اتكلم، وفضلت السكوت لان مفيش حد هيصدقني نهائي..
مر اسبوع تقريبا وجه مديري قال ٤ افراد انا منهم نروح معاه المكان ده نفتح ونجيب حاجات من هناك، او يعني اي حاجة سليمة النار موصلتلهاش، فرفضت والمرة دي وقفت قدامه وواجهته وحكيت له كل اللي انا شفته ولقيت منه سخرية عليا كلامي وهو بيقولي:
عفاريت ايه يا شريف، انت اتجننت تقريبا ولا مخك ساح من السهر، ولما اقولك على شغل مينفعش تعارضني، ده شغل وانت هنا عشان تعمله مش عشان ناخد رأيك تنفذه ولا لا..
اضطريت اسمع كلامه وروحنا ودخلنا المكان اللي كانت آثار النار معلمة على كل شبر فيه، وبدأ كل واحد فينا يدور على اي شئ النار مأتلفتهوش، ولقيت نفسي بدخل الأوضة اللي فيها ترابيزة القمار، وكانت الأرضية باينة لإن النار كلت السجاد اللي كان مغطي الأرضية، كانت أرضية خشبية متهالكة، وفيها ثقوب واضحة، قربت منها واول ما لمستها بإيدي دابت وبقت رماد وانهار جزء كبير منها عشان الاقي اللي مكنتش اتخيله ولا اتوقعه، ندهت مديري وزمايلي اللي جم بسرعة وكان منهم وعليهم نظرات الذهول والإستغراب وهما بيبصوا على السرداب اللي تحت أرضية غرفة القمار!!!!..
بدأنا نكسر باقي الأرضية بحيث نعمل فتحة نقدر ننزل منها، وبدأنا واحد ورا التاني ينزل، كان سرداب يشبه المقبرة، ضلمة ومخيف وهواه بارد والمشهد كإنك جوه فيلم رعب!!!..
كان ممر طويل، فضلنا ماشيين بخطوات بطيئة ومشغلين كشافات موبايلتنا، وفجأة واحد عدى من قدامنا!!، خيال فجأة ظهر واختفى، بصيت لزميلي اللي جمبي ولسه هسأله فسبقني وهو بيقولي: شوفت الخيال اللي عدى من قدامي ده؟!!..
ولقيت باقي زمايلي بيصراخوا وجرينا كلنا وخرجنا بسرعة من السرداب ده، ومن يومها الممان اتقفل نهائي ومتفتحش تاني، وزمايلي ومديري صدقوني، فات وقت كبير على تجربتي الغريبة والمرعبة اللي انا شوفتها وعشتها دي، ولسه لما بحكيها لحد من صحابي في الجامعة مبيصدقنيش…
تمت..
#فهد_حسن

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى